دوافع فتح رودس
بشيء من التفصيل نقول:
إن معاوية بن أبي سفيان اتجه إلى إسقاط العاصمة البيزنطية القسطنطينية،
فأعد لذلك عدة هائلة لتحقيق هذا الأمل الخطير،
وكانت هذه العدة تشمل ثلاثمائة مركب ثقيلة عليها أسلحة،
وكل مركب تحمل ألف رجل،
وتشمل خمسمائة مركب خفيفة تحمل كل منها مائة جندي..
وحرص معاوية على أن يسيطر على جزر البحر المتوسط لتأمين أسطوله الزاحف للقسطنطينية،
ولم يكن المسلمون قد فتحوا حتى عهد معاوية غير جزيرة قبرص،
فاتجه معاوية لاحتلال جزر أخرى حتى يضمن الأمان لأسطوله،
وتكون هذه الجزر محطات تموين للأسطول.
وكانت رودس جزيرة شديدة الأهمية للمسلمين؛
إذ تقع قرب ساحل آسيا الصغرى،
وكان الروم يغيرون منها على مراكب المسلمين ومدنهم الساحلية؛
ولهذا بدأ بها المسلمون وفتحا الله عليهم في رمضان عام 53هـ..
وأسرع معاوية فأنزل بها أسرًا إسلامية، ورتب لهم العطاء،
وأصبحت جزيرة رودس قاعدة مهمة للبحرية،
فكانت مركز اطمئنان لقوات المسلمين،
ومركز ذعر لقوات الأعداء،
وقد ساعدت كثيرًا على فتح جزر أخرى بالبحر المتوسط،
وبالتالي على حصار القسطنطينية.
هكذا كان فتح رودس والاستيلاء عليها خطوة مهمة لدعم القوات الإسلامية والنكاية بالقوات البيزنطية،
التي كانت تعد البحر المتوسط بحيرة تابعة لها،
وقد انتهى هذا الادعاء بالزحف الإسلامي في البر والبحر الذي شهد رمضان المعظم بعض مآثره..
بعد استيلاء المسلمين على رودس أمر ببناء حصن بها،
وجعلها رباطًا يدافعون منه عن الشام،
وأراد معاوية بن أبي سفيان أن يعلي راية الإسلام بين أهاليها،
فأرسل إليها فقيهًا يُدعى مجاهد بن جبر.
رودس بعد معاوية
أقام المسلمون برودس سبع سنين في حصنٍ اتخذ لهم،
فلما مات معاوية كتب ابنه يزيد إلى جنادة يأمره بهدم الحصن والرجوع.
ولما كان مسلمة بن عبد الملك في طريقه إلى القسطنطينية فتح ردوس مرة ثانية في عهد سليمان بن عبد الملك،
وبعد فشل حصار القسطنطينية أفلتت الجزيرة من يد المسلمين،
ثم حاول الخليفة هارون الرشيد فتح رودس،
ولكنها بقيت تابعة لبيزنطة حتى استولى عليها فرسان الصليبيين.. وظلت رودس خاضعة للصليبيين
حتى انتزعها العثمانيون
....فأعيدت للمسلمين مرة اخرى.
دورهم في الحروب الصليبية
من المعروف أن فرسان رودس أو فرسان الإستبارية كان لهم دور مهم في الحروب الصليبية،
وقامت هذه الطائفة في القرن الحادي عشر الميلادي،
بالاعتناء بالمرضى من الحجاج النصارى في مستشفى بمدينة بيت المقدس،
وبعد أن نجح الصليبيون في ضم بيت المقدس عام 492هـ/ 1099م قام أحد الرهبان -ويُعرف باسم جيرارد- بتكثيف نشاطه في بيت المقدس،
وأقام فنادق ومستشفيات مشابهة لما في المدن الإيطالية وعلى الطرق المؤدية إلى الأراضي المقدسة في فلسطين،
وبمرور الوقت أصبحت هذه المؤسسات على درجة كبيرة من الغنى والقوة،
وازداد نشاطها ليشمل العناية بالمرضى والفقراء
وكان مع الاسف هدفهم الاساسي هو
... إعلان الحروب على المسلمين.
الفرسان وجزيرة رودس
استطاع الفرسان الصليبيون الاستيلاء على جزيرة رودس عام 708هـ/ 1309م،
وأخذ هؤلاء الفرسان منذ ذلك الحين يُعرفون باسم فرسان رودس،
وازداد نشاطهم في العقدين الثالث والرابع من القرن الرابع عشر الميلادي،
وقاموا بشن حملات قرصنة ناجحة ضد بعض الإمارات التركية الموجودة في غرب الأناضول.
...الى ان اتى الدور البارز للعثمانيين
العلاقة بين رودس والعثمانيين
بدأ النزاع بينهم عندما اعتدت سفن الفرسان على بعض السفن العثمانية عام 747هـ/ 1346م،
وحطمتها وأسرت بعض بحارتها العثمانيين،
ثم أخذ القتال يتجدد من وقت لآخر،
كما شاركت رودس في كل الحملات الصليبية التي نظمتها أوربا ضد الدولة العثمانية،
وعلى سبيل المثال فقد أسهمت رودس في تقديم سفنها للعمل جنبًا إلى جنب مع القوات الأوربية التي جُهزت لمحاربة العثمانيين في الحملة الصليبية التي دارت أحداثها في موقعة نيكوبولس عام 799هـ/ 1396م،
والتي انتهت بنصر كبير للقوات العثمانية على الحملة الصليبية.
وفي عهد السلطان محمد الثاني طلب السلطان محمد إلى قائد الفرسان دفع جزية له،
إلا أن طلبه رُفض،
فقام السلطان بمهاجمة جزيرة كوس التابعة للفرسان في عام 859هـ/ 1455م،
ولم يتمكن من الاستيلاء عليها،
ومع ذلك فإن قائد الفرسان وافق على دفع الجزية للعثمانيين عام 877هـ/ 1462م.
ساءت العلاقة بين الدولتين في عام 874هـ/ 1470م عندما أرسل زعيم الفرسان سفينتين للدفاع عن أحد موانيه التي تتعرض للهجوم من قبل السلطان محمد،
كما قامت البحرية العثمانية بمهاجمة العديد من الجزر والقلاع التابعة للفرسان في العقد الثامن من القرن الرابع عشر الميلادي،
وكان السلطان يكثف حملاته على الجزيرة؛
لأنه يعلم خطورة موقعها لقربها من الأراضي العثمانية.
فتح رودس
على يد السلطان العثماني سليمان القانوني
تم إعادة فتح جزيرة رودس مرة أخرى في عهد السلطان سليمان القانوني في 7 صفر 929هـ،
وكان السبب في فتحها أن لصوصها البحريين كانوا يتعرضون للسفن التجارية العثمانية،
وكثيرًا ما يعتدون على الحجاج ويوقعون بهم.
وحدث في عهد السلطان سيلمان أنهم اغتصبوا بعض السفن العثمانية ونهبوا ما بها، وقتلوا الكثير من ركابها،
فعزم السلطان على فتح تلك الجزيرة؛
ليأمن شر أهلها،
فأمر بإعادة جيش وأسطول لفتحها.
وعندما سمع أميرها (دوفيلييه دوليل اَدم) أن السلطان قادم على فتح الجزيرة أرسل سفراءه إلى السلطان ليرضيه بدفع الجزية للدولة العثمانية،
وكان قصده من ذلك كسب الوقت حتى تفرغ الدول الأوربية لمساعدته؛ لأن الحرب كانت قائمة بين فرنسا وألمانيا،
والعالم المسيحي في اضطراب لظهور المذهب البروتستانتي.
فلم يقبل السلطان اقتراحات دوفيلييه دوليل اَدم،
واستمر في تجهيزاته الحربية وخرج بقوة عسكرية مكونة من 300 سفينة حربية و400 سفينة نقالة تحت قيادة بيلان مصطفى باشا،
تحمل عشرة آلاف جندي تحت قيادة الوزير الثاني داماد مصطفى باشا،
ثم خرج السلطان نفسه بجيش عظيم من البر قاصدًا مرمريس الواقعة على ساحل الأناضول تجاه جزيرة رودس؛
للإمداد والوقوف على حركة جيش العدو.
وصلت تلك الجيوش إلى جزيرة رودس في شعبان سنة 928هـ،
فأخذت السفن تذهب وتجيء أمام حصون مدينة رودس عاصمة الجزيرة،
أما السلطان فقد ركب البحر على رأس جيش وصل إلى ميدان القتال وأخذ يدير أمر الحصار بنفسه،
...ثم أمر جيوشه بالحملة على الحصون ودوام مناوأة العدو،
وحاول أهل الجزيرة الدفاع عنها بشجاعة،
لكن القوات العثمانية استمرت في الضغط حتى اضطرهم لقبول التسليم بعد حصار دام سبعة أشهر.
وبعد الاتفاق معهم على شروط التسليم،
وصلت إلى الجزيرة سفن أوربية لمساعدتهم،
فعاد أمراء الجزيرة إلى نقض ما أبرموه طمعًا في احتمال التغلب على الأتراك بمساعدة السفن الأوربية، وعادت الحرب مرة أخرى، وكبرت الخسارة من الجانبين،
وانتهى الأمر بتسليم أمير الجزيرة بمطالب الأتراك،
فحضر إلى خيمة السلطان بنفسه وأمضى شروط التسليم،
الذي كان بمقتضاه أن يخرج أمراء الجزيرة وأتباعهم بأسلحتهم الخاصة وأمتعتهم،
...فخرجوا
....وتسلم السلطان الجزيرة و قلاعها،
وكان ذلك في يوم 7 صفر سنة 929هـ،
....وصارت جزيرة رودس من ذلك اليوم عثمانية.
...تحت راية الاسلام
وهكذا نكون انتهينا من سرد احداث الفتح الاسلامي لجزية رودس
وسؤال المسابقة
متي فتحت جزيرة رودوس لاول مره ..؟؟
بانتظار اجاباتكم من خلال التعليقات بالمدونة
و كل عام وانتم بخير
عام52 هجري
ردحذف